الحمد لله الذي شرع النكاح لما فيه من الفوائد المتنوعة، وفي مقدمتها السكن النفسي والروحي والجسمي وحصول المودة والرحمة بين الزوجين كما قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
ومن ذلك غض البصر وتحصين الفرج عن الحرام، كما قال عليه الصلاة والسلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعلية بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري ومسلم،.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: "لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" متفق عليه.
أما بعد: فإنه يشرع للمسلم القادر على النكاح مادياً ومعنوياً أن يبادر إليه ليحصل على الفوائد المرتبة عليه ومن لا يستطيع ذلك فليستعفف وليصبر وليستعن بالصوم الذي يحد من الشهوة حتى يغنيه الله من فضله كما قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [النور: 33].
وبعد: فهذه هي الرسالة الثانية من رسائل الأفراح.
وقد اشتملت على: الحقوق الزوجية، حق الزوج على زوجته بالطاعة والخدمة والأحترام، وحق الزوجة على زوجها بالطعام والشراب والكسوة والمبيت، والعدل بينهما وبين زوجاته الأخر فيما ذكر- إذا كان له أكثر من زوجة- قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [النساء: 19]. وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228].
كما اشتملت هذه الرسالة على: بعض آداب خروج المرأة من البيت، وما ينبغي أن يحذره المسلم والمسلمة مما يخالف شرع الله، وفضل المرأة المطيعة لله ولرسوله ولزوجها وحسن عاقبتهما، ونصيحة للأولياء على المبادرة بتزويج مولياتهم ولتسهيل أمور الزواج، ونهي النساء عن قص شعورهن إلا في حج أو عمرة بقدر الأنملة وهي رأس الأصبع وذلك أن طول شعر رأس المرأة من ظاهر جمالهما. كما اشتملت هذه الرسالة على تحريم اللباس الضيق والقصير والشفاف الذي يبرز مفاتنها وتقاطيع جسمها أو تظهر معه ذراعيها وساقيها وهي عورة وفتنة للناظرين، وقد أمر كل من الرجال والنساء بالغض من أبصارهم وحفظ فروجهم قال الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [سورة النور آية: 30]. وفي الحديث "النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه لله أورثه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه " [رواه الطبراني والحاكم] من حديث حذيفة وقال صحيح الاسناد.
وكل الحوادث مبدؤها من النظر.
كما اشتملت على: النهي عن التبرج والسفور المثير للفتنة وعلى بيان محاذير الكوافيرات، وأحكام تختص بالتزين الجسمي للمرأة. وحكم الخضاب للنساء وصبغ الشعر. وشرعية احتجاب القواعد من النساء بالخمار عن الأجانب، وعلى رسالة خاصة بخروج المرأة إلى الأسواق، وبيان أحكام تحفظ للمرأة كرامتها وتصون عفتها، وحكم مجلات عرض الأزياء في الميزان الشرعي، وعلى زهرات توجيهية، وقصيدة بعنوان (أفيقي أخية) وحكم تصرف الولي في مهر المرأة، وفتوى في بيان حكم إخراج النساء أكفهن وسواعدهن أمام الرجال الأجانب.
وهي مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام المحققين من أهل العلم. أسأل الله تعالى أن ينفع بها من تحبها أو قرأها أو سمعها فعمل بها، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ومن أسباب الفوز لديه بجنات النعيم وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، كما أسأله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يستر على نساء وبنات المسلمين وأن يوفقهن للتستر والحجاب الشرعي والقرار في البيوت، وأن يجنبهن التبرج والسفور والأختلاط بالرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمهن. وأن يوفق كلا من أولاد المسلمين وبناتهم للتحصن بالزواج المبكر قبل أن يتجاوز سن الواحد منهم عشرين سنة طاعة لله ورسوله ومحافظة على غض أبصارهم وحفظ فروجهم إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.